Saturday, December 14, 2013

النكسة القادمة


في مشهد بديع من فيلم “أيام السادات” تركض ميرفت آمين "جيهان" لتزف الخبر السعيد لأحمد زكي "السادات": "سمعت يا أنور؟ وقعنا ٩٠ طيارة لغاية دلوقتي". 
يرد أنور بصوت غاضب مكتوم: "همممم.. وهمه وقعوا كام؟ الخساير عادة بتبقى حوالي ٢٠٪. معنى كدة أنهم هجموا ب٥٠٠ طيارة. وقع منم ٩٠ يبقى ٤٠٠ عملوا إيه؟".
الحسبة منطقية.. فإما أن الدفاع الجوي المصري عام ٦٧ قد أسقط ٩٠ طائرة إسرائيلية بالفعل- وهو مايعني أن هناك ٤٠٠ طائرة أخرى على الأقل تشارك في الهجوم، وقادرة على دك مدن مصر ومساواتها بالأرض من القناة إلى أسوان- أو أن  الرقم كاذب. 
لا أعلم مدى الدقة التاريخية للفيلم ومدى مطابقة المشهد للواقع، لكني أظن أن السادات لم يكن وحده في مصر من توصل لهذه النتيجة مبكرا. أتخيل قلة متناثرة من المصريين الذين لا يعرفون بعضهم البعض، وكل منهم يظن أنه الوحيد من نوعه، يستمعون للراديو فرادى، يحللون الأرقام والأنباء، يستنتجون أن كل ذلك كذبة كبيرة لتغطية هزيمة عسكرية ساحقة. ينظرون لأقاربهم وأصدقائهم، ويشعرون تجاههم بالشفقة على جهلهم بالمستقبل الأسود، والغضب الشديد على سذاجتهم وانسياقهم الأعمي وراء البرواباجندا. 
هل أسر أحد منهم بما يجول في نفسه لصديق مقرب؟ ربما، لكن الأكيد أنهم لم يجاهروا بما توصلوا إليه في العلن.
تخيل السادات نفسه يقف في مقهى شعبي، يتحدث لجموع المواطنين الفرحين بنشوة سحق العدو الصهيوني، ويحلل لهم الموقف المنطق بالعقل والمنطق كما فعل مع زوجته في الفيلم؟ سينهال المواطنون عليه لعنا وتحقيرا، وسيتهموه بالخيانة لأنه يشكك في جيش مصر العظيم، وقائده الهصور. سيؤكد أحدهم أن مايقوله مخطط صهيوني لزعزعة الاستقرار وإضعاف الجبهة الداخلية، ولربما تطوع آخر بتكسير كراسي المقهى على رأسه قبل أن يسلمه  للشرطة بتهم العمالة والتجسس،. ولن تنفعه محاولات النقاش المنطقي في اقناع الغوغاء أن الأرقام لا تكذب، وأن الفعل الوطني الحقيقي هو حماية البلد من خطر قائدها الفاشل الذي سيلحق بها هزيمة مهينة. 
غير أن كل مشاعر الوطنية الفياضة لا تشتري رغيف عيش، وكل الأناشيد الوطنية لا تمس طائرات العدو بسوء، وكل كتبة الأعمدة ومذيعي الأثير وشعراء النظام لم يحموا البكباشي من فشل حكومته وانهيار جيشه. 
أعزائي "النوشتاء" و"الحكوكيين" أعضاء الطابور الخامس، عملاء الخارج، خونة الداخل... لا تجزعوا من هول شعبية النظام الغبي، فمهما تسابق المتسابقون في تمجيده، وتهافت المتهافتون وفي تفخيمه، واسترزق المسترزقون من شتيمة ولعن وتشويه أعدائه، سيظل عاجزا هشا.. أتفه من آن يوفر أنبوبة بوتاجاز للفقراء، أغبى من أن يصلح نظام التعليم، أفشل من أن يوفر العيش والدواء.. النكسة آتية لا ريب فيها. .والنصر أيضا. 

4 comments:

  1. ده اللي أنت واصحابك واصحابكم "الصحفيين" الاجانب نفسكم فيه.. بس رهانتكم من أول يوم خسرانة وهتفضل خسرانة عشان انتوا فشلة ومادام لسة مفهمتوش حاجة من ال3 سنين اللي فاتوا عمركم ما هتفهموا :) اللي عايز يدخل طريق التطوير الطويل مع الدولة يتفضل انما حقيقي لأمثالكم منتظرين الهزيمة والشماتة فطز فيكم.

    ReplyDelete
  2. الم تزهقوا من الولولة والعويل. مبشرين دائما بالكوارث والنكسة. لم تقترحوا مرة حل عملي لاي مشكلة لانكم عاجزون عن ذلك مش فالحين غير في النقد الهادم. لم تعدوا مؤثرين في الشارع لانكم فقتدتم المصاقية. النكسة الحقيقية ان مصر ابتليت بامثالكم. سامحكم الله .

    ReplyDelete
  3. معاكو البلد تسليم مفتاح.. متشغلوش بالكوا بالهدامين من امثالنا… ربنا يوفقكوا وتخلوا مصر اد الدنيا :-)

    ReplyDelete
  4. عندي احساس ان كاتب(ة) الكومنت يعرفني شخصيا.. بس معندوش-معندهاش الشجاعة الكافية انه يكتب اسمه!

    ReplyDelete