Friday, March 22, 2013

الأخطاء المتكررة في خطاب الدفاع عن حقوق المثليين جنسيا


كمؤمن بحقوق المثليين جنسيا في ممارسة حياتهم بشكل طبيعي دون تدخل من المجتمع، أجد نفسي ناقما على كثير من الأخطاء المتعمدة التي يكررها بعض نشطاء حقوق الإنسان، وبعض المثليين أنفسهم... أعرضها في هذه التدوينة: 

-المثليون هم 10% من أي مجتمع بشري:
يتردد كثيرا أن 10% من أي مجتمع بشري هم مثليين جنسيا.
فلنفترض أن المعلومة صحيحة.. ما أهمية ذلك للقضية من الأساس؟
إن المطالبة بحقوق أقلية ما لا يتربط على الإطلاق بعدد أعضاء هذه الأقلية. إن البهائيين وشهود يهوه والشيعة وأهل النوبة والأمازيغ هم أقل كثيرا من 10% من المصريين، بل إن كل منهم قد يمثل أقل من 1% من المصريين. هل هذا يعني أنه من المفترض أن أوليهم اهتماما أقل؟
إن تأكيد بعض المثليين على كثرة عددهم كمدخل للتأكيد على أهمية حقوقهم هو مضاد لفلسفة حقوق الإنسان نفسها، والقائمة على حق الحرية الفردية حتى فيما يخالف الغالبية الكاسحة للمجتمع.
الحقيقة أيضا أن هذا الرقم مبالغ فيه بشدة. أصل هذا الرقم الخرافي هو سطر في الكتاب الأمريكي "السلوك الجنسي للذكر البشري" والذي تم تأليفه عام 1948، ويقول "10% من الرجال بالولايات المتحدة هم على الأقل ليسوا مغايرين دائما في الفترة السنية بين 16 و55". العبارة غامضة في صياغتها كما ترون، كما أن الكتاب أيضا اعتمد على إحصائيات مغلوطة، فـ25% من الذين تم دراستهم كانوا من المساجين، وهي عينة غير معبرة عن سكان الولايات المتحدة الأمريكية، كما أن الكتاب لا يفرق بين المثلية الجنسية كميل جنسي، وبين من يضطر إلى إفراغ شهوته مع رجل آخر لأنه يقضي 20 عاما في السجن. 
تعرض الكتاب لنقد منهجي من كل الباحثين وقت صدوره، ويظل بعض المدافعين عن حقوق الإنسان متمسكين بالإحصائية الكاذبة لأنهم يتوهمون أنها تعضد موقفهم، حتى لو خالفت الحقيقة. 
دراسات أخرى حديثة تشير إلى أن النسبة لا تزيد عن 4%.. وكما قلت، التركيز على النسبة يضر بالقضية ولا يفيدها. 

- كارهو المثلية الجنسية هم مثليون مكبوتون يعوضون شعورهم بالقهر والكراهية للنفس:
أسلوب آخر يلجأ له بعض المثليين جنسيا في الدفاع عن حقوقهم، يقوم على ادعاء أن كارهي المثلية الجنسية هم في الحقيقة لهم ميول جنسية مثلية لكنهم يحاولون قهرها وإخفائها.
الأسلوب في ذاته طفولي للغاية، قائم على شتيمة "أهو أنت". أصل هذا الادعاء هو بعض الدراسات المصغرة التي تشير إلى أن  بعض الكابتين  لميولهم الجنسية المثلية، يبدون عدائية أكبر تجاه  للمثليين جنسيا..
أولا: بعيدا عن مبالغات الإعلام المعتادة، فكل هذه الدراسات تضع في الحسبان عشرات العوامل الأخرى، منها على سبيل المثال لا الحصر، درجة التدين، والنشأة في عائلة محافظة، دون أي تحديد واضح لأي من هذه الأسباب هو السبب الأقوى في كراهية المثليين.
ثانيا: قراءة متأنية لأي هذه الدراسات تشير إلى أن المثليين جنسيا الرافضين للسلوك قد يكونوا بالفعل عدائيين جدا لمثل هذا السلوك في العلن. هذا لا يعني على الإطلاق أن جميع أو حتى أغلب كارهي المثليين جنسيا هم مثليون مكبوتون.
ثالثا: لا يوجد أي دراسة على الإطلاق تثبت، أو حتى تقترح، نسبة المثليين جنسيا من جموع ملايين كارهي المثلية لأسباب مختلفة، دينية، وشخصية، وأخلاقية.
أما النقطة الأهم من كل ذلك فهو، ما علاقة الانتماء الجنسي بالموضوع أصلا؟
فليكن النقد من مثلي أو غيري، فليكن النقد من صادق أو منافق، فليكن النقد من مسلم أو مسيحي.. إن التركيز على شخصية الناقد ونقائصه وعيوبه بدلا من حديثه ومدى صحة كلامه هو إضاعة للوقت، ولا يبثت أي شيئ. اللص قد يقول يخطب في الناس عن لا أخلاقية السرقة.. هذا سيجعل منه منافقا، لكن لا يجعل كلامه خاطئا.

- المثلية الجنسية سلوك طبيعي، بدليل أنه موجود في الحيوانات، وسببه جيني:
بعض مهاجمي المثلية الجنسية يقولون أنه سلوك غير طبيعي لأنه لا يؤدي للتكاثر، مما يعني أن الطبيعة من المفترض أن تلفظه كسلوك ضد النشوء والارتقاء.
يرد النشطاء بأن المثلية الجنسية موجودة في الطبيعة، مثل البطاريق وبعض أنواع السحالي، كما أن الدراسات تشير إلى أن المثلية الجنسية سلوك جيني. 

هناك خطئان أساسيان في أسلوب التفكير هذا:
الأول:  إن دراسات ارتباط السلوك البشري بالجينات عموما مازالت في مهدها، لكن الأكيد أن محاولة تفسير أي سلوك بالجينات فقط فيها نوع احتقار الجنس البشري عموما، وإضفاء نوع من الحتمية على سلوكه، وتجاهل تام لدور النشأة والتربية والإرادة الشخصية التي تميز الإنسان عن غيره من الحيوانات.
أغلب الدراسات التي تتحدث عن دور الجينات في السلوك البشري عموما بها الكثير من المبالغات الإعلامية، مثل الادعاء السخيف أن هناك جين مسؤول عن الإيمان بالله. هناك دراسات أخرى تربط بين وجود جينات بعينها وبين ميل شخص ما للعنف، هل يعني ذلك مسامحتهم على ارتكاب جرائم قتل أو اغتصاب مثلا؟

الثاني: وجود سلوك ما في الطبيعة لا علاقة له بأخلاقيته من عدمه. بعض فصائل الحيوانات تمارس "الكانيباليزم"، أي أنهم يأكلون بعضهم البعض، وهناك حيونات أخرى تمارس التعددية الجنسية، حيث يلقح ذكر واحد جميع إناث القطيع، وفي بعض الحيوانات يتصارع الذكور، ليحصل الفائز على حق التناسل مع إناث القطيع. قطي الحبيب "بوبس" دائما ما يغتصب إناث الجيران، ويجبرهن قهرا على معاشرته في موسم التزاوج، فهل هذا يجعل الاغتصاب أخلاقيا؟  إن محاولة إثبات مدى أخلاقية فعل ما بأنه موجود بين فصائل الحيوانات هو أمر مقرف ومقزز وبه احتقار شديد للطبيعة الفريدة للجنس البشري.  

في النهاية أرجو أن يُفهم من كلامي حرصي على صحة وعقلانية الخطاب، فمن يضر القضية أحيانا هم أكثر المدافعين عنها.