Sunday, May 12, 2013

تحذير العباد من بوليصة CIL


- منذ 4 سنوات تقريبا، عرض علي مندوب من شركة تأمين CIL التابعة لبنك CIB شراء بوليصة تأمين على الحياة، بحيث أدفع قسطا شهريا، يتم استثماره بأشكال مختلفة، أختارها أنا، والحصول على الفائدة بعد 10 سنوات، على أن يكون من حقي إلغاء البوليصة وتسييلها بعد 4 سنوات.

- لست ناجحا جدا في التوفير، كما إن عملي يوم فوق ويوم تحت، فكانت فكرة "التوفير الإجباري" بالنسبة لي مغرية، ولا أمانع بالطبع من الحصول على ربح ما في المستقبل القريب أو البعيد.. اشتريت البوليصة بقسط شهري 350 جنيه شهريا.

- منذ حوالي 5 أشهر، عرضت علي مندوبة جديدة من نفس الشركة، (الأستاذة ب)  زيادة قيمة البوليصة، وهو ما كنت أنويه بالفعل..  طلبت بشكل واضح وصريح ولا يحتمل اللبس زيادة قيمة البوليصة من 350 إلى ألف جنيه شهريا. أعطتني (الأستاذة ب) بوجه باسم عقد جديد، مضيت عليه مطمئنا بعد الاتفاق معها على ما أريد.

- كنت أراجع بعض المعاملات المادية بحسابي، فاكتشتف شيئا غريبا. أن البنك يسحب مني بشكل ثابت مبلغ 1300 جنيه شهريا. اتصلت بالبنك لاستفتسر عما حدث. اكتشفت أني ببساطة تعرضت لنوع من الخديعة. (الأستاذة ب) بدلا من أن ترفع قيمة البوليصة القديمة، أعطتني عقد بوليصة جديدة، وبنص العقد لا يمكنني فسخها إلا بعد 4 سنوات... بقيت بادفع قيمة بوليصتين، وبادفع المصاريف الإدارية مرتين، وأنا مش واخد بالي!

- طلبت من البنك فض الالتباس، فاتصلت بي (الأستاذة ب) بعد أقل من نصف ساعة، وأخذت تتغزل في مزايا البوليصة الجديدة ومميزاتها الرائعة. قلت لها، ليس هذا ما طلبته، ولا يهمني كمية الربح منها. يهمني أن تنفذي ما أطلبه أنا، وليس ما تقرريه أنت! قالت لي "أنت مضيت على العقد، يبقى بص عليه وشوفه. مينفعش تفسخ العقد غير بعد 4 سنين".

- السؤال الذي قد يدور في ذهنك الآن، عزيزي القارئ، ما الذي يدفع (الأستاذة ب) لهذا التصرف؟ أقولك... مندوبي شركات التأمين التابعة للبنوك، يعملون بنظام الكوتة، أي أن كل مندوب عليه أن يحقق ربح مادي شهري واضح، يصل إحيانا إلى 70 ألف جنيه في الشهر الواحد.
- كيف يتم حساب الربح؟ أقولك.. العميل الأولاني مضى عقد بألف جنيه في الشهر، يبقى 12 ألف جنيه في السنة.. العميل التاني ألفين جنيه في الشهر، يبقى 24 ألف جنيه في السنة.. يبقى كدة المندوب حصل على 36 ألف جنيه في الشهر.. وهكذا، لو مقدرش يكمل الكوتة، يتخصم من مرتبه، ولو قدر يكسب أكتبر من المطلوب، ياخد مكافأة (بونس).

- بعض هؤلاء المندوبين معدومي الضمير، فيوهمون العميل  بأرباح وهمية مستقبلية، أو يعتمدون على "عبط" العميل في عدم التدقيق فيما يوقع عليه (زي ماحصل معايا.. أنا فعلا عبيط إني طلبت منها حاجة، ثم مضيت على العقد وأنا متخيل إنه حيبقى نفس الحاجة اللي طلبتها).. أو أي حاجة تانية للحصول على أكبر كم ممكن من فلوس العميل، وتحقيق "التارجت".

- ما علينا.. ذهبت إلى بنك CIB اليوم، لغيت البوليصة القديمة نهائيا وأسلت المبلغ المودع بها. خفضت قيمة البوليصة الجديدة من ألف جنيه، إلى أقل قيمة ممكنة، 250 جنيه.. اتصلت بخدمة العملاء وطلبت منهم إلغاء كارت التسوق عبر الإنترنت وإسالة الوديعة المربوطة به.. خلال أسبوع هاكون أنهيت كل المعاملات المادية وصفيت كل الحسابات مع البنك. للأسف مضطر أخلي الحساب مفتوح لأن البوليصة الملعونة بتجبرني على ده، لكن مش حاخلي في الحساب أكتر من القسط الشهري 250  جنيه.. لحد مايعدي 4 سنين، أقدر أقفل خلالها الحساب مع البنك نهائيا.

- النهاردة حاكتب جواب أبعته لمدير شركة CIL  في التجمع الخامس بالوقائع التي حدثت، لا لشيئ غير عشان أقوله إن أنت مشغل معاك شوية ناس معندهاش ضمير.. نوع من "فش الغل" مش أكتر.. بالمناسبة، لو عايز تقدم أي شكوى، ابعتها على المكتب الرئيسي. أحد أصدقائي في البنك قالي صراحة إن الشكاوى ممكن تتقطع ومتروحش المقر الرئيسي من الأساس.

- - حاليا بادور على بنك جديد محترم أفتح فيه حساب، وفيه سيرفيس كويسة.. عارف إن ده صعب، خصوصا إن في غياب منظمات مجتمع مدني قوية لحماية المستهلك، فالواحد بيبقى ملطشة تارة للبنك، وتارة لشركة المحمول، ولأي شركة حقيرة تانية...لكن عموما، لو حد عنده نصيحة ببنك كويس، يا ريت يقولي في الكومنتس أو على تويتر.. شكرا :-) 

Thursday, May 9, 2013

"أحا فشخ".. عن النسويات في بر مصر


عام 1996، كتبت المؤلفة والشاعرة والحكائة الأمريكية إيف إنسلر مسرحية "مونولوجات المهبل" The Vagina Monologues، القائمة على تقمص إيف لعدة شخصيات واقعية وحقيقية تروي من خلالها قصص معاناة النساء في الولايات المتحدة وحول العالم.

تحولت المسرحية إلى حركة نسوية قوية، وتُرجمت لأكثر من 48 لغة، وبدأت النسويات في محاكاة مشروع السرد بطرق وبلاد مختلفة، رأينا منها في مصر مشروع "بصي".

لفت انتباهي أن النسخة الأصلية من المسرحية كانت تحوي قصة أثارت هجوما شديدا على إيف، والتي تتناول فيها قصة مراهقة أمريكية ينشأ بينها وبين سيدة أكبر منها بأكثر من 10 سنوات علاقة جنسية، تصفها برومانسية شديدة، وتتحدث عن الأثر الإيجابي لهذه العلاقة في حياتها.

سبب الجدل بالطبع، هو أن النقاد اتهموا إيف بإضفاء طابع رومانسي على الاغتصاب، فالفتاة المراهقة تصف محاسن علاقتها بامرأة ناضجة.. لو كانت العلاقة بينها وبين رجل، لما اختلاف اثنان أنها علاقة محرمة يجرمها القانون والعرف، وفيها استغلال واضح من الطرف الأكبر سنا لطفلة ليست كاملة النضج.

اضطرت إيف إلى تغيير النص تارة، وإلغائه نهائيا من العرض المسرحي، مبررة ذلك أن مشروع المونولوجات صارت أكبر من "غرورها الأدبي"، وأن القصة رغم أنها حقيقية إلا أن إلغائها ضرورة، في سبيل وصول الرسالة إلى جمهور أوسع سيتجاهل مضمون المسرحية كله بسبب اعتراضه على جزء منها.


أتذكر موقف إيف، كلما رأيت "تلاميذها" في مصر يفعلون العكس بالضبط، فهم يضحون بمساحات هائلة من التواصل مع جمهور أوسع في سبيل حرية استخدام ألفاظ بذيئة.

بداية، ليس عندي أي مشكلة شخصية، ولا تحمر وجنتي خجلا حين تصف صديقة فلان بأنه "بضان"، أو تشتمه بكس أمه. ليس عندي فارق بين أن أسمع "الأحا" من رجل أو فتاه.. لكني، وأفترض هنا أني أتحدث بلسان عدد لا بأس به من الرجال، لست الجمهور المستهدف، فلم أتحرش بامرأة في حياتي، أو أحكم عليها بملابسها أو طريقة حديثها.

أتعجب حقا حين تسرف مدونات وناشطات وكاتبات في استخدام ألفاظ خارجة للحديث عن مكافحة التحرش. الجمهور نوعان، نوع مثلي لن يعبأ بالألفاظ القبيحة، ولكن المقال لن يفيده أو يضره، ونوع آخر سيُصدم من الألفاظ القبيحة لدرجة ستصرفه عن مغزى المقال من الأساس.

المعضلة الثانية في استخدام اللغة البذيئة، هي أن الحركة النسوية دائما، في كل زمان ومكان، ما تعمل بمهمة "شرطي اللغة"، فهن ينتقدن ذكورية اللغة وعنصريتها ويحاولن تعديلها، فتصر النسويات، على سبيل المثال،  استخدام firefighter  وcamera person بدلا من camera man  و fireman

أتعجب جدا حين تكتب ناشطة نسوية أن المؤسسات الدينية "فشخت" الشعب في أفكاره.. واللفظ بين القوسين لفظ جنسي معبر عن الفحولة الذكورية بشكل قبيح وقذر ومتدني.

أتعجب حين تلجأ أخرى لوصف شخص ما بأنه """"معرص، وهو لفظ يُطلق أصلا على الرجل الذي لا يحمي شرف امرأته و"يشكمها".  
كيف من المفترض أن يتعلم المجتمع لغة تحترم المرأة من نساء وقعن في أسر مفردات الرجل الذكورية المتعفنة التي يدعين محاربتها؟

فكرت أن النسويات يحاولن استخدام نفس الألفاظ الذكورية في السخرية منه، وفي توظيفها بشكل مختلف كنوع من إعادة سيطرتهن عن اللغة، مثلما يحاول بعض السود في أمريكا استخدام لفظ Nigger في أغنيات الراب، وهو اللفظ الذي كان يُطلق كنوع من التحقير وإثارة الاشمئزاز العنصري منهم.

سرعان ما نفضت الفكرة من رأسي، فمستوى الكتابات الرديئة لا يشي بفكر عميق أو نقاش موسع لانتقاء الألفاظ... ويبدو أن الحل  أن أتوقف أنا عن قراءة هذا الهراء وأريح دماغي!

Friday, May 3, 2013

"أنا من نسل النبي".. وأساطير أخرى عن الانتماء لآل البيت


كنت أجلس مع عدد من الأصدقاء الأمريكان والعرب من مختلف الجنسيات في إحدى بارات العاصمة الأمريكية واشنطن دي-سي، حين لاحظت أن الصديق السوري (حسن) يكاد يتلاحم مع الصديقة السورية (سلوى) على ساحة الرقص. لاحظت بعدها أن الصديق السوري (محمود) حاول إبعادهما عن بعض بشكل غير مباشر، ثم انفرد حسن ومحمود وبدا أن هناك شجارا لفظيا بينهما
حاولت التدخل لمعرفة ما يحدث بالضبط وسبب الخلاف  بين حسن ومحمود، الأسماء كلها هنا قد تم استبدالها، وفهمت أن سبب الخلاف هو أن محمود وحسن ينتميان للطائفة العلوية، في حين تنتمى سلوى للسنة، وأن محمود، رغم وجهه المِحمر من أثر كاسات الفودكا، لم يتقبل أن يتنازل رجل من علوي عن شرف الانتماء لنسل علي بن أبي طالب وآل البيت، ليراقص فتاة سُنية، ليست من مقامه

كتمت ضحكتي بصعوبة..

أتذكر هذه الواقعة كلما قابلت نصابا، أو شابا متحمسا، أو شيخا صوفيا، وهو يتحدث بفخر، أو بتواضع مزيف، عن نسبه لآل بيت النبي.. ذلك الشرف الذي يُسكر أصحابه ويعطيهم اعتزازا وفخرا داخليا بالنسب لآل البيت حتى وهم يجرعون كؤوس الجاك دانيالز والمارجريتا

ما علينا.. أود أن أذكر "آل البيت"، خاصة في مصر، ببعض الحقائق، فلربما تنفع الذكرى

- تتفق المراجع التاريخية أنه أثناء عصور الجهالة وانتشار الأمية التي مرت على مصر في العهدين المملوكي والعثماني انتشرت الصوفية واستفحلت وصار لها سطوة غير عادية. استطاع جمع من النصابين والزناة على أن يخدعوا العوام والسُذج والسفلة، فأقنعوهم أنهم من آل بيت النبي، وأنهم أصحاب كرامات، يستطيعون المشي على الماء والحديث مع الحيوانات، والظهور في مكانين بآن واحد. وتوارث أبناء هولاء النصابين وتلاميذهم رئاسة "الطريقة"، فصار بمصر عشرات، وربما مئات  الآلاف، من المنتسبين للبيت النبوي هم في الحقيقة أوسخ أهل مصر، وكل من تزوج من نسلهم نال بالضرورة الشرف المزعوم.. ومازال أحفادهم اليوم يعيشون الوهم

- مش مصدقني؟؟ بسيطة، اركب أقرب قطار إلى الزقازيق يوم الاثنين أو الخميس. اسأل على بيت ومسجد الشيخ صالح أبو خليل، حفيد "الخليل" الذي ادعى أنه من نسل الرسول أوائل العصر العثماني، ونسب إلى نفسه مجموعة الكرامات المحفوظة من القدرة على شفاء المرضى، وأنه تجسيد النبي وفاطمة وعلي في الأرض، إلخ.. مازال حفيد الخليل حتى اليوم يحظئ بنفس المكانة، بل أن المريدين يسجدون لتقبيل يده ابنه "الشيخ حمادة" الذي لم يبلُغ بعد، بل إن مسجد الشيخ صالح يشتهر بأن الناس فيه يصلون عكس اتجاه القبلة، فهم يتوجهون بصلاتهم إلى قبر الخليل، وليس إلى مكة.. روح اتأكد بنفسك.. فإن كان دجال في القرن 21 قد استطاع أن يحظى بآلاف المريدين والأتباع، فما بالك بدجال أكثر احترفا في عصر كان تعلم القراءة والكتابة فيه ترف؟

- مش فاضي تروح الزقازيق؟ بسيطة، اذهب إلى مولد "نفيسة العلم" السيدة نفيسة، أو "أم هاشم" السيدة زينب، أو مولد الحسين، أو أي مولد آخر. ستجد المنطقة امتئلت عن آخرها بآلاف الخيام التابعة للطرق الصوفية من أسوان للأسكندرية، وفي كل منها حفيد ما للرسول، وآلاف من المريدين والأتباع المصدقين، المتقربين إلى نسله

- معاك كارنيه نقابة الأشراف؟ فرحان بيه؟ هل تعلم من أيضا يحمله؟ حفيد آل البيت الشريف القاتل محمد حسني مبارك، وحفيده القواد صفوت الشريف، وحفيده النصاب زكريا عزمي، وحفيده المجنون معمر القذافي.. كلهم كانوا حاصلين على كارنيه نقابة الأشراف. الاحتمال الأول، انهم بالفعل من آل البيت، وهو ما يعني أن الانتساب لآل البيت ليس شرفا من الأساس، وأن من ضمنهم حفنة من أقذر من أنجبتهم البشرية، أما الاحتمال الثاني فهو أن نقابة الأشراف تمنح العضوية لمن يدفع أكثر، وهو ما يشكك بالضرورة في نسب كل الحاصلين على الكارنيه.

- الملك فاروق ابن ألبانيا أقنع غالبية شيوخ الأزهر أن يسلموا أنه من آل البيت وأنه خليفة المسلمين، وصلاح الدين الأيوبي القادم من كردستان انتحل لنفسه نسبا عربيا قرشيا. ما احتمال أن يكون جد جد جد جد جد جد جد جد جد جد جد جد جد جد جد جد جد جد جد جد جد جد جدك قد انتحل نسب هو الآخر، أو حتى تزوج من عائلة قد انتحلت النسب من عدة مئات من السنوات؟ أزعم أن شجرة النسب التي تحملها بفخر في بيتك، وتعلقها على الحائط لن تصمد 10 دقائق أمام أي نساب أو مؤرخ يحترم نفسه

- إن فهمي للدين الإسلامي، هو أن الرسول (ص) قد بُعث ليدمر فكرة الفخر بالأنساب، والتفاخر بالعائلات والقبائل، لينشر رسالة من المساواة الإنسانية بين سائر بني آدم.  لو كل مافعله الرجل هو أنه استبدل الفخر ببني أمية وبني طالب ببني محمد وعلي وفاطمة، لحكمنا على رسالته بالفشل، فالعقلية القبلية لم تتغير بعدما يزيد عن ألف سنة، بل تغيرت الأسماء وأسباب الفخر فقط

- عزيزي المنتسب للنبي الكريم. يقول الله في كتابه العزيز " إِنَّمَا يريدُ اللَّه لِيُذْهِب عَنْكُم الرِّجْس أَهْلَ الْبَيْت وَيطَهِّرَكُم تَطْهِيراً". يختلف المفسرون حول الآية، فمنهم من يقصرها على زوجات الرسول، ومنهم من يوسع نطاقها لنسله الكريم. في كل الحالات، تأكد أن الآية ليست موجهة لك بأي شكل من الأشكال

- عزيزي المنتسب لآل البيت، أعلم أنك تحلم من داخلك بالمؤرخ روبرت لانجدون، ليمر معك بمغامرة مهولة تكشف الأدلة التاريخية المطموسة بأنك التجسيد الحقيقي لنسل النبي، والوريث الشرعي لكرسي الخلافة. ولسوف تُكتب قصتك في رواية "أُحجية الصعصعة بن عمرو"، والتي ستبلغ شهرتها الآفاق حتى تصير "شيفرة دافنشي" نسيا منسيا.. أرجوك، احتفظ بمعلومات نسبك وتفاصيلك لنفسك.. غطي نفسك جيدا قبل أن تنام.. والسلام ختام