- توقفنا في الحلقة الثانية عند ازدهار الحركة السلفية في أواخر الثمانينات وتأسيسها لمجلات ومراكز علمية واجتذاب عدد ضخم من المريدين
- في التسعينيات تعرضت الدعوة السلفية مثل غيرها من الحركات الإسلامية للإقصاء الكامل والتعامل الأمني الصارم بعد تعرض مصر لعدة هجمات إرهابية
- لم تكن الدعوة السلفية ضالعة في أي عملية إرهابية ولم يثبت علي أي من أعضائها التورط في أعمال عنف، لكن ذلك لا يمنع أن كافة مشايخها قد تعرضوا للاعتقال والتعذيب، ومنهم "قيم" الدعوة نفسه الشيخ أبو إدريس
- تم إغلاق معهد الفرقان، المعهد المعتمد لتدريس الفكر السلفي كما تم إغلاق مجلتي السبيل وصوت الدعوة ولم يسمح للدعوة بالظهور الإعلامي علي الإطلاق. وكان أئمة الدعوة في الأسكندرية ممنوعون من السفر بحرية بين المحافظات، ناهيك عن السفر إلي خارج مصر
- مع اعتقال وتعذيب العديد من أعضاء الدعوة من قبل أجهزة الأمن، صار لأمن الدولة جواسيس وأعين داخل الدعوة السلفية، ومعرفة تامة بأدق شؤون الدعوة. أحد قادة الدعوة قال لي ذات مرة أن معلومات أمن الدولة عن الدعوة كانت دقيقة بدرجة 90% علي الأقل
- رغم ذلك فإن التنظيم الشديد للدعوة سمح لها بالاستمرار رغم كل الضغوط الأمنية. اختفت الألقاب والمناصب والهياكل الإدارية ولم يعد لها وجود معلن، لكن أنشطة الدعوة استمرت. توزيع الزكاة استمر وإن بدرجة أقل
- استولت وزارة الأوقاف علي العديد من المساجد السلفية واستبدلت المئات منهم بأئمة الأوقاف المعتمدين، لكن نقص عدد الأئمة الرسميين سمح للدعاة السلفيين بالاستمرار في السيطرة علي العديد من المساجد خاصة التي تبعد عن قلب الأسكندرية، مثل منطقة العامرية ووادي القمروبركة السبع وغيرها
- لم يعد هناك معاهد تمنح "الإجازة" لكن الدروس الدينية غير المنتظمة بعد صلاة العصر والعشاء كان لها دور هائل في جذب المزيد والمزيد من طلاب العلم الشرعي للدعوة
- رغم كل التضييقات الأمنية أصبح للدعوة السلفية فروع في المحافظات، من القاهرة لأسوان. التيار السلفي بشكل عام كان موجود في كل أنحاء مصر، لكننا هنا نتحدث عن جماعة منظمة بعينها، هي "الدعوة السلفية"، التي صارت الأسكندرية عاصمتها وأئمة الدعوة فيها هم فقهائها الذين يتبعهم أعضاء ومنسقين في كل أنحاء مصر
- شهدت فترة التسعينات ظاهرتين شديدي الأهمية
- مع انحسار المطبوعات السلفية الدورية وحرمانهم من إصدار الصحف والمجلات، ازدهرت دور النشر الصغيرة التي تتولي طبع كتب التراث وكتب مشايخ الدعوة في طبعات شعبية.لم يهتم شيوخ الدعوة بالتصاريح والإجراءات القانونية وسمحوا للجميع بنقل وطبع كتبهم دون قيود. كل من حضر معرض القاهرة الدولي للكتاب في العقد الماضي يذكر الحضور السلفي المكثف لهذه الدور
- ازدهرت في تلك الفترة الجمعيات الخيرية السعودية العالمية، وأهمها موسسة "رابطة العالمة الإسلامية" ومقرها السعودية، ومؤسسة "الحرمية الخيرية" ومقرها في باكستان لكن تمويلها سعودي. هذه المؤسسات بنت العديد من المساجد والمراكز الإسلامية في أنحاء أوروبا. وكانت هذه الجمعيات تستعين بمشايخ السلفية، وكثير منهم من أعضاء الدعوة السلفية، للخطابة والتدريس هناك لسنين عديدة وبمرتبات خيالية. وبعودة هؤلاء المشايخ لمصر أسسوا شركات استثمارية في كافة المجالات، بداية من المتاجر ومحلات الطعام، للمستشفيات وشركات تسويق الأدوية. وكان لهذه الشركات دور مهم في الحفاظ علي الدعوة وتمويلها بعد ذلك، وكثير من رجال الأعمال/المشايخ السلف هم الآن من أهمم ممولي حزب النور السلفي الذي سنتحدث عنه في حلقات لاحقة
- انتهي دور هذه الجمعيات الخيرية الضخمة أوائل الألفينات بعد أن تم إغلاقها وتجميد أرصدتها بعد اتهامها بتمويل أنشطة إرهابية أعقاب سبتمبر 2001. لكن الدعوة السلفية والتيارات السلفية في العالم العربي أجمع كانت قد استفادت منها واستمرت في نشاطها، وبدأت الدعوة السلفية في مصر تطوير أساليبها مع مطلع القرن الحادي والعشرين مما هيئ لها أتباع وتنظيم محكم ظهر بعد الثورة، سنتحدث عنه غدا إن شاء الله.
No comments:
Post a Comment